4 مصاحف

حمل المصحف

السبت، 22 أكتوبر 2022

المقدمة وج1.قصة كوسوفا المؤلف د. راغب السرجاني

 

 

مقدمة

تعود جذور الصراع بين الصرب والمسلمين في (كوسوفا) منذ هزيمة الصرب على أيدي المسلمين (في الفتح الإسلامي) عام 1389م

 

تعود جذور الصراع بين الصرب والمسلمين في كوسوفو منذ هزيمة الصرب على أيدي المسلمين في الفتح الإسلامي عام 1389م، ومنذ ذلك اليوم عمل الصرب على إنهاء الوجود الإسلامي في البلقان، وقادوا تحالفا مع بلغاريا والجبل الأسود واليونان لطرد الدولة العثمانية من البلقان، للانفراد بالمسلمين هناك.

 

- واشتدت المؤامرات على الدولة العثمانية من الخارج، وتمكنت صربيا من قيادة التمرد ضد الدولة في الداخل - في منطقة البلقان - واستطاعت أن تستقل أخيرا عن الدولة العثمانية.

 

وأثناء الحرب البلقانية العثمانية سنة 1912م، أعلن الألبان استقلالهم، وكان هذا أكبر خطأ ارتكبه الألبان - رغم أنهم آخر الشعوب التي خرجت على الدولة الإسلامية العثمانية - ومنذ ذلك الوقت بدأت مرحلة تصفية الحساب مع الدولة العثمانية، حيث أعلن الصليبيون في البلقان حربهم ضد الإسلام والشعوب المسلمة هناك.

 

- وفي مؤتمر عقدته الدول الغربية المنتصرة في لندن عام 1912م، تم توزيع أجزاء من أراضي بلاد الألبان على المنتصرين. وبعد أن كانت مساحة ألبانيا حوالي 70 ألف كيلومتر مربع، فإنها بعد اقتسام الغنيمة تقلصت إلى حوالي 29 ألف كيلومتر مربع فقط.

 

وكانت كوسوفو من نصيب المملكة الصربية آنذاك، ومن يومها بدأت المذابح الجماعية للمسلمين في البلقان عموماً، وفي البوسنة وكوسوفو خصوصاً وتقول إحدى الإحصائيات بأن عدد قتلى المسلمين في كوسوفو وحدها قريب من ربع مليون نسمة، هذا غير المهاجرين من ديارهم فراراً بدينهم وهم عشرات الألوف.

 

* وبدأت مؤامرة جديدة بين تركيا العلمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وحكومة يوغسلافيا بإفراغ البلاد من المسلمين، من خلال تهجير أعداد كبيرة منهم.

 

وبالفعل تم التوقيع على اتفاقية في عام 1938م، تقضي بتهجير 400 ألف عائلة ألبانية مسلمة إلى تركيا.

 

* وخلال الحرب العالمية الثانية ظل قادة ما يسمى بحركة التحرير الشعبية لـيوغسلافيا وهي حركة قومية ماركسية يتوددون إلى الشعب الألباني المسلم في كوسوفو لإقناعهم بأن من حقهم الاستقلال عن المملكة الصربية، وأنهم في حال تسلمهم مقاليد الحكم في البلاد سيعيدون هذا الحق المغتصب للمسلمين في كوسوفو.

 

* وبعد أن اعتلى الماركسيون الشيوعيون الحكم في البلاد قاموا بحملة إبادة واسعة للشعوب الإسلامية المنكوبة التي سيطروا عليها، وأرسلوا وحدات من الجيش لاحتلال كوسوفو الأمر الذي فوجئ به الألبان، وظلوا يقاومون الجيش طيلة ثلاثة أشهر ديسمبر 1944- فبراير 1945م - وقد سقط في هذه المعارك قرابة 50 ألف شهيد من الشعب الألباني المسلم.

 

* في عام 1945م قررت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تقسيم الأراضي الألبانية المحتلة بين ثلاث جمهوريات هي صربيا، ومقدونيا، والجبل الأسود؛ ومن ثم فقد ألحق إقليم كوسوفو بصربيا، وسلمت بعض الأراضي الألبانية ومن عليها من سكان ألبان إلى جمهوريتي مقدونيا والجبل الأسود، الأمر الذي شتت العديد من أفراد الأسرة الواحدة بين هذه الدول.

 

وقد نص الدستور اليوغسلافي الذي صدر سنة 1946م، على تبعية كوسوفو لـصربيا كإقليم يتمتع بحكم ذاتي، وظل يتقلص تدريجيا إلى أن ألغي بالكامل في دستور سنة 1963م.

 

وبصدور دستور سنة 1974م تم تثبيت الحكم الذاتي وتوسيع نطاقه؛ إذ أصبحت كوسوفو بموجبه وحدة فيدرالية واحدة، متساوية مع بقية الوحدات الفيدرالية الأخرى في البلاد، وهو ما انطبق على البوسنة أيضاً، الأمر الذي رفضه المسلمون فقاموا سنة 1981م بثورة شعبية على مستوى كوسوفو كلها، يطالبون فيها باستقلال كوسوفو عن صربيا، ومنحها حكمًا ذاتيًّا كجمهورية في إطار يوغسلافيا الفيدرالية؛ مما جعل السلطات الصربية تأمر القيادات العسكرية بقمع انتفاضة الشعب المسلم، حيث نزل الجيش المدجج بأفتك أنواع الدبابات، والأسلحة الحديثة فراحت تحصد المسلمين هنا وهناك.

 

وقدر عدد قتلى المسلمين في اليوم الأول بحوالي 300 قتيل، هذا فضلاً عن هدم البيوت، وتدمير المنشآت الخدمية، وانتهاك حرمة المساجد والمدارس الدينية، وهتك أعراض المسلمات الحرائر.

 

ومع كل هذا القمع الشديد استمر المسلمون في المطالبة بحقوقهم إلى بداية انهيار الشيوعية، التي آذنت بتفكك الاتحاد اليوغسلافي، وراحت كل جمهورية من جمهورياته تأخذ طريقها نحو الاستقلال التام عن يوغسلافيا الفيدرالية، فتوقع المسلمون أن أفول الظلام الماركسي، وظهور نظام جديد في أوروبا الشرقية سوف يسمح بالحريات لشعوب المنطقة، ويعطيها الحق في تقرير مصيرها.

 

وقد امتد هذا حتى شمل جمهوريات يوغسلافيا، فأعلنت البوسنة استقلالها بعد سلوفينينا وكرواتيا وهنا قامت قيامة أعداء الله، فأعلنوا الحرب على الإسلام والمسلمين، وصرحوا على الملأ بأنهم لن يسمحوا بقيام دولة إسلامية في أوروبا ثم حدث بعد ذلك ما حدث من الجرائم الوحشية والمذابح الجماعية التي ارتكبت في حق هذا الشعب المسلم، والتي شهدها العالم بأسره، ولم يحرك لها ساكناً !! .

 

- وكان أن أجرى المسلمون الألبان في كوسوفو استفتاء عاماً فيما بينهم بعد تفكك الاتحاد اليوغسلافي، وذلك في سبتمبر 1991م، أسفر عن انحياز الأغلبية المطلقة للاستقلال، وتطور الأمر إلى انتخاب مجلس نيابي، وتشكيل حكومة، وتنصيب رئيس لجمهوريتهم المستقلة هو الدكتور إبراهيم روغوفا، ولكن الحكومة الصربية تجاهلت كل هذه الإجراءات، واعتبرتها كأن لم تكن، بل بدأت بمرحلة جديدة من الاعتقالات والتعذيب، والاضطهاد فاقت سابقتها، وفي هذا الصدد ارتكب الصرب جرائم كبيرة ضد هذا الشعب المسلم، ولا يزالون يواصلون جرائمهم واعتداءاتهم على إخواننا المسلمين، في ظل صمت مطبق من العالم الإسلامي!!

 

وظل الصرب يمارسون إجراءاتهم القمعية ضد المسلمين في كوسوفو طوال الفترة الماضية، ولم يكن أمام الشعب المسلم خيار إلا المقاومة والانتفاضة أمام التجاوزات والتضييق، وسياسة الإفقار والتجهيل الممارسة ضده من طرف الصرب المهيمنين على مقاليد البلاد.

 

الجرائم الصربية

 

بدأت هذه الجرائم الصربية بالتصفيات الجسدية، وتدمير المساجد، والمنازل، واغتصاب المسلمات، وأخذت هذه الجرائم تتوالى على المسلمين :

 

* فتم إبعاد اللغة الألبانية عن كل تعامل رسمي، ومُنعت منعاً باتا في المدارس والجامعات، وطرد كل ألباني مسلم من وظيفته العمومية والمراكز الحساسة كالأمن والجيش، وقتل أكثر من 100 جندي مسلم خلال خدمتهم العسكرية في الجيش اليوغسلافي الصربي، وجرح أكثر من 600 آخرين في حالات اعتداءات متكررة استهدفت طرد المسلمين من الجيش لمنع المقاومة المسلحة ضد الصرب.

 

* قامت السلطات الصربية في سنة 1990م بوضع السم القاتل في خزانات مياه المدارس بمدن كوسوفو، فتسمم منها أكثر من سبعة آلاف طفل من أطفال المسلمين، وكانت الحادثة من أبشع الجرائم التي ارتكبها الحقد الصليبي الصربي ضد أطفال المسلمين.

 

* أغلقت القوات الصربية جميع المدارس الابتدائية والثانوية الألبانية، وأتبعتها بجامعة بريشتينا الألبانية، وقامت بطرد جميع طلابها.

 

* أغلقت المكتبات المركزية في جميع مناطق كوسوفو، وصادرت الكتب العلمية النادرة، ونقلتها بواسطة الشاحنات العسكرية إلى مصانع الورق، لإعادة تصنيعها ورقا عاديا!!.

 

* ولا يزال القوم يواصلون اعتداءاتهم وجرائمهم البشعة ضد الشعب المسلم في كوسوفو، ولعل أبشعها المذبحة الأخيرة التي حدثت في رمضان 1419هـ في قرية راتشاك والتي قتل فيها أهل القرية جميعًا !!

 

* وقد اتجه الشعب الألباني المسلم في كوسوفو إلى العمل المسلح للدفاع عن هويتهم، فتم إنشاء جيش تحرير كوسوفو، وهو جيش عسكري يجمع الوطنيين القوميين من أبناء الإقليم، وهو ليس وحده الذي يعمل في ساحة المقاومة، بل هناك حركة الجهاد الإسلامي، وهي حركة إسلامية نشطة أسسها مجموعة من الشباب المسلم الذي تخرج من الجامعات الإسلامية، وشارك بعضهم في الجهاد المسلح ضد الصرب في البوسنة وهم - إلى جانب القيام بأعباء المقاومة المسلحة - يقومون بنشاط دعوي وتربوي وتعليمي واسع للحفاظ على هوية الشعب المسلم، وإعداد الشباب المسلم إعدادا متكاملا للمشاركة في مقاومة العدوان الصربي الصليبي على بلادهم، وهذه المجموعة المجاهدة تنطلق في جهادها ودعوتها وتعليمها من منهج السنة الصافي، وهم يواجهون تعتيما إعلاميا متعمدا، ويحتاجون إلى دعم إخوانهم المسلمين في كل مكان.=

ج1-4

-

قصة كوسوفا بقلم الدكتور راغب السرجاني، يعرض فيه تاريخ كوسوفو وموقعهم الجغرافي وأصول الكوسوفيين الألبان ومذابح المسلمين الجماعية على أيدي الصرب

قصة كوسوفا 1-4*

أثار إقليم كوسوفا المسلم اهتمام العالم عامَّةً، والإسلامي منه خاصة مرات عديدة في القرون الأخيرة، وكان من أهمها بالنسبة للأجيال الحاضرة ما حدث فيه من مجازر للمسلمين على أيدي الصرب الأرثوذكس في التسعينيات، ثم ما تابعناه ونتابعه هذه الأيام من إعلان الإقليم لاستقلاله تحت مظلَّة حلف الأطلنطي وحمايته.

 

وإقليم كوسوفا من البلاد الإسلامية التي عانت من تجاهل المسلمين أو جهلهم لسنين طويلة؛ بحيث لم يكن كثير من المسلمين يعرفون أن هذا الإقليم إسلامي، أو به مسلمون أصلاً، إلا بعد أن جرت فيه المذابح الصليبية ضد المسلمين في التسعينيات من القرن العشرين، مثله في ذلك مثل دولة الشيشان والبوسنة والهرسك.

 

 

خريطة كوسوفا

 

وقد أجرينا استبيانًا على موقعنا طوال الأسبوع الماضي حول متابعة قضية كوسوفا، فبلغت أصوات من يتابعون القضية بقوة 12%، ونسبة من يتابعونها قليلاً 52%، أمَّا نسبة من لا يعلمون عنها شيئًا فهي 36%.

 

يحدث ذلك بينما كوسوفا دولة إسلامية غالبية سكانها مسلمون، وتاريخها مع الإسلام طويل يمتد قرونًا.

 

تقع كوسوفا في منطقة البلقان في جنوب شرقي قارة أوربا، وهي محاصرة من الشمال والشمال الشرقي "بصربيا"، ويحدُّها من الجنوب مقدونيا وألبانيا، ومن الغرب الجبل الأسود، وتبلغ مساحتها 10.887 كيلومتراً مربعًا، ويبلغ عدد سكان كوسوفا ثلاثة ملايين نسمة.

 

دخل الإسلام إلى كوسوفا في عام 1389م، إبَّان المواجهة الحاسمة بين العثمانيين بقيادة السلطان مراد الأول والصرب بقيادة (لازار)، في المعركة التي اشتُهِرت باسم "قوصوه" أو "كوسوفا" وقد هُزِم الصرب في تلك المعركة، وقُتِلَ فيها ملكهم (لازار) بعد هزيمة جيشه، كما استُشهِد السلطان مراد وهو يتفقد نتائج المعركة، ويتفحَّص الجثث؛ إذ قام إليه جندي صربي تظاهر بأنه مقتول، وطعنه بخنجرٍ؛ فأرداه قتيلاً.

 

وتتمتع كوسوفا بتركيب عِرْقي متنوِّع يضمُّ 90% من الألبـــان، و4% من الصرب، و3% من الأتراك، و2% من البوشناق، و1% قوميات أخرى، وتبـلغ نسبة المسلمين بين هذه الأعراق حوالي 95%.

 

وتعود أصول الكوسوفيين (الألبان) إلى القبائل الإيليرية ذات الجنس الآري، وقد سُمُّوا بأكثر من اسم منها الألبان والأرناؤوط وإشكيبتا، واتفق المؤرخون على أنها أول من نزل شبه جزيرة البلقان - في عصر ما قبل التاريخ - على شواطئ البحر الأدرياتيكي الشمالية والشرقية قبل قدوم اليونان، وكان ذلك منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة، ثم توسعت وانتشرت القبائل الإيليرية في أنحاء البلقان.

 

اجتمعت تلك القبائل بعد ذلك، وانتخبت رئيسًا لها، ثم أنشأ الإيليريون دولة لهم قبل الميلاد بثلاثة قرون (وجمهورية كوسوفا اليوم تقع في الموقع الذي كان يسكن فيه أجدادهم الداردانيون، والقبائل الإيليرية الأخرى)، وكانت دولتهم تسمى دارداني، وقد ضعفت دولتهم بمرور الزمن؛ فاحتلَّها الرومان، وبقيت تحت احتلالهم إلى أن زالت إمبراطوريتهم، وانقسمت إلى شرقية وغربية، وصارت بلاد الألبان تحت حكم الإمبراطورية الشرقية؛ حتى فتح المسلمون بلادهم ونعمت قرونًا تحت حكمهم.

 

اتَّفق المؤرِّخون على أن الإسلام دخل إلى البلقان قبل الفتح العثماني، وذلك عن طريق التجار والدبلوماسيين والدعاة، إلا أن ذلك كان على نطاق ضيق ومحدود. أمَّا انتشار الإسلام في تلك البلاد فقد كان بعد مجيئ العثمانيين؛ حيث دخل الشعب الألباني في الإسلام أفواجًا، وحَسُنَ إسلام الألبان، واندمجوا في الدولة العثمانية؛ حتى برز منهم قوَّادٌ عِظام مثل بالابان باشا (من قواد فتح القسطنطينية)، وعدد من كبار الكُتَّاب والشعراء كانوا يؤلِّفون بلغات خمس، هي: الألبانية والبوسنية والعربية والتركية والفارسية، مثل محمد عاكف أرسوي رحمه الله.

 

وقد تمكن الحكم العثماني في جزيرة البلقان بصورة نهائية بعد معركة (قوصوه)؛ فبعد هذه المعركة الحاسمة خضعت كوسوفا وصربيا للحكم العثماني ما عدا مدينة بلغراد؛ فإنها فُتِحَت في عهد السلطان سليمان القانوني؛ وذلك في 26 من شهر رمضان المبارك سنة 938 هـ/1521م.

 

كانت ولاية كوسوفا أكبر الولايات العثمانية في روملي (أوروبا)، وكانت أول عاصمة لها مدينة بريزرن، ثم مدينة بريشتينا، ثم مدينة أسكوب (أسكوبيه) عاصمة مقدونيا اليوم، وما زال عدد الألبان فيها إلى يومنا هذا أكبر من عددهم في تيرانا عاصمة ألبانيا.

 

منذ هزيمة الصرب على أيدي المسلمين في (قوصوه) عملوا على إنهاء الوجود الإسلامي في البلقان؛ ومن أجل ذلك قادوا تحالفًا مع بلغاريا والجبل الأسود وإليونان بهدف طرد الدولة العثمانية من البلقان، ثم الانفراد بالمسلمين هناك.

 

واشتدت المؤامرات على الدولة العثمانية من الخارج خاصةً في عصور ضعفها، وتمكنت صربيا من قيادة التمرد ضد الدولة في الداخل - في منطقة البلقان – حتى استطاعت أخيرًا أن تستقل عن الدولة العثمانية.

 

ثم وقع الألبان في أكبر خطأ في تاريخهم؛ إذ أعلنوا استقلالهم عن الدولة العثمانية أثناء الحرب البلقانية العثمانية سنة 1912م، ومنذ ذلك الوقت بدأت مرحلة تصفية الحساب مع الدولة العثمانية؛ حيث أعلن "الصليبيون" في البلقان حربهم ضد الإسلام والشعوب المسلمة هناك؛ ففي مؤتمر عقدته الدول الغربية المنتصرة في لندن عام 1912م، تم توزيع أجزاء من أراضي بلاد الألبان على المنتصرين، وبعد أن كانت مساحة ألبانيا حوالي 70 ألف كيلومتر مربع؛ فإنها بعد اقتسام الغنيمة تقلَّصت إلى حوالي 29 ألف كيلو متر مربع فقط.

 

المجازر الوحشية في كوسوفا

المجازر الوحشية في كوسوفا

 

كانت كوسوفا من نصيب المملكة الصربية آنذاك، ومن يومها بدأت المذابح الجماعية للمسلمين في البلقان عموماً، وفي البوسنة وكوسوفا خصوصاً، وتقول إحدى الإحصائيات بأن عدد قتلى المسلمين في كوسوفا وحدها قريب من ربع مليون نسمة، هذا غير المهاجرين من ديارهم فراراً بدينهم وهم عشرات الألوف.

 

ثم بدأت مؤامرة جديدة بين تركيا العلمانية بقيادة مصطفى كمال أتاتورك وحكومة يوغسلافيا؛ وذلك بإفراغ البلاد من المسلمين، من خلال تهجير أعداد كبيرة منهم.

 

وبالفعل تم التوقيع على اتفاقية في عام 1938، تقضي بتهجير 400 ألف عائلة ألبانية مسلمة إلى تركيا.

 

وخلال الحرب العالمية الثانية ظلَّ قادة ما يسمى بحركة التحرير الشعبية ليوغسلافيا (وهي حركة قومية ماركسية) يتوددون إلى الشعب الألباني المسلم في كوسوفا لإقناعه بأن من حقهم الاستقلال عن المملكة الصربية، وأنهم في حال تسلُّمهم مقاليد الحكم في البلاد سيعيدون هذا الحق المغتصب للمسلمين في كوسوفا.

 

ولكن بعد أن اعتلى الماركسيون الشيوعيون الحكم في البلاد تناسى الشيوعيون وعودهم، وتذكروا فقط عداءهم للإسلام، وحقدهم على المسلمين؛ فقاموا بحملة إبادة واسعة للشعوب الإسلامية المنكوبة التي سيطروا عليها، وأرسلوا وحدات من الجيش لاحتلال كوسوفا الأمر الذي فوجئ به الألبان، وظلُّوا يقاومون الجيش طيلة ثلاثة أشهر - من شهر ديسمبر 1944م إلى فبراير 1945 م – حتى سقط في هذه المعارك قرابة 50 ألف شهيد من الشعب الألباني المسلم.

 

وفي عام 1945م قرَّرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي تقسيم الأراضي الألبانية المحتلة بين ثلاث جمهوريات، هي: صربيا، ومقدونيا، والجبل الأسود؛ ومن ثَمَّ فقد أُلحِقَ إقليم كوسوفا بصربيا، وسُلِّمَت بعض الأراضي الألبانية ومَن عليها من سكان ألبانيين إلى جمهوريتي مقدونيا والجبل الأسود، الأمر الذي شتَّت العديد من أفراد الأسرة الواحدة بين هذه الدول.

 

وقد نصَّ الدستور اليوغسلافي الذي صدر سنة 1946م، على (تبعية كوسوفا لصربيا) كإقليم يتمتع بحكم ذاتي؛ مما مثَّل انتهاكًا كبيرًا لحقوق أهل الإقليم، وفوق ذلك فقد ظلَّ هذا الحُكم الذاتي يتقلَّص تدريجيًّا إلى أن أُلغِي بالكامل في دستور سنة 1963م.

 

ولكن بصدور دستور سنة 1974م تم تثبيت الحكم الذاتي وتوسيع نطاقه؛ إذ أصبحت كوسوفا بموجبه وحدة فيدرالية واحدة متساوية مع بقية الوحدات الفيدرالية الأخرى في البلاد، وهو ما انطبق على البوسنة أيضاً، الأمر الذي رفضه المسلمون فقاموا سنة 1981م بثورة شعبية على مستوى كوسوفا كلها، يطالبون فيها باستقلال كوسوفا عن صربيا نهائيًّا، ومنحها حكمًا ذاتيًّا في إطار يوغسلافيا الفيدرالية؛ الشيء الذي جعل السلطات الصربية تأمر القيادات العسكرية بقمع انتفاضة الشعب المسلم؛ حيث نزل الجيش المدجَّج بأفتك أنواع الدبابات، والأسلحة الحديثة التي راحت تحصد المسلمين هنا وهناك.

 

وقد قُدِّرَ عدد قتلى المسلمين في اليوم الأول فقط من هذا الاجتياح بحوالي 300 قتيل، هذا فضلاً عن هدم البيوت، وتدمير المنشات الخدمية، وانتهاك حرمة المساجد والمدارس الدينية، وهتك أعراض الحرائر من أخواتنا المسلمات؛ مما أجَّج الثورة والغضب في نفوس المسلمين، وصاروا يتوقون بشدة إلى إعلان الاستقلال، وهذا ما فعلوه منذ أيام قلائل.

 

أمَّا عن الواقع الحالي في الإقليم، وكيف اتخذ المسلمون قرار الاستقلال؛ فهذا ما سنتحدث عنه في المقال القادم بإذن الله.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

القرآن الكريم : مكبرا للقراءة المستريحة جدا

سورة الفاتحة بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ...